لماذا فضّلتُ اختيار تخصصٍ لمدونتي؟
بقلم: أسما قدح
حينما بدأتُ التدوين عام 2007، كنت أكتب عن كل ما يخطر في البال تقريباً، وربما مثل معظم المدونين الذين بدؤوا التدوين تلك الفترة. لم يكن هناك أي تخصص حقيقي أعرفه وأريد التركيز عليه في مدونتي. كانت موضوعات المدونة متشعّبة إلى حدٍ كبير ما بين الكتابات الأدبية واليوميات، ثم اتّخذت منعطفاً آخر حينما بدأت إدخال الموضوعات السياسية، تأثراً بما درسته في السابق والأحداث السياسية التي كنا نعيشها في ماليزيا.
تخصصت في التدوين عن ماليزيا
بشكلٍ ما أو بآخر، بدأت أكتب عن ماليزيا أكثر من أي أمر، وأردتُ أن أعرّف العالم العربي بها، بطريقة لم يألفها من وسائل الإعلام الأخرى. صادف أن مساري العملي واهتماماتي تغيرت تدريجياً بناءً على تجاربي اليومية في مساري الوظيفي الجديد. أصبح التعريف بماليزيا مختلفاً هذه المرة ومطعّما بتجرتي الشخصية التي تحكي جزءاً مما نعيشه هنا، وجزءاً آخر يتعلق بالسفر والسياحة. كانت تصلني الكثير من الأسئلة عن ماليزيا والسياحة فيها، ولم تكن شركات السياحة في الدول العربية تخرج في حديثها عما ننشره نحن هنا في البروشرات التسويقية المطبوعة. أسئلة متكررة تحوم حول أفضل الفنادق في كوالالمبور، وأي شهر هو الأفضل لزيارة ماليزيا، وهل من السهل إيجاد مطاعم الحلال في بينانغ؟. تخيل أن تقضي ساعات مطولة لتجيب على أسئلة من هذا النوع بشكل شبه مكرر في الشبكات الاجتماعية؛ لم يكن عملياً أبداً. لذلك قررت حينها تغيير تخصص مدونتي لأجيب من خلالها على هذه الأسئلة.
التدوين عن السياحة في ماليزيا
ركّزت في البداية على كتابة تجربتي الشخصية في السفر داخل ماليزيا. ساعدني استقراري الطويل في ماليزيا اطلاعي بالشأن السياحي على معرفة ما الذي يبحث عنه السائح العربي، وكيف يمكنني التميّز بمحتوى المدونة ليكون مختلفاً عن المحتوى العربي المكرر المنشور. كتبت في البداية عن وجهة نظري عن المناطق التي أزورها، عن التجربة الشخصية بداية من المغامرات والرحلات العائلية التي نقوم بها وانتهاء بكيفية الوصول إليها. وبالتعاون مع الشركات وهيئات السياحة المحلية أصبح محتوى المدونة أكثر اتساقاً، ما ساهم في أن تصبح مرجعاً للسياحة في ماليزيا.
التدوين عن السفر وحياة الترحال
أخذت الحياة منحى مختلفاً -نوعاً ما- مرة أخرى حينما قررت بيع كل ممتلكاتي في ماليزيا والعيش في مناطق متعددة خلال العام، أتنقل كل شهر من بلد إلى آخر كيفما أخذتني الظروف. بدأت رحلتي الطويلة وحياة السفر، وبدأت معها الكتابة عن الوجهات التي توقّفت فيها. ومن هناك، بدأت أنظر لمدونتي أنها مدونة سفر تحكي تجربتي الشخصية في أسلوب الحياة المختلف هذا. أحرص في الحديث عن المحطات على قصّ تجربتي الشخصية في المكان الذي زرته ومشاعري تجاه المكان. وبالطبع ذكر المعلومات التي ستفيد القارئ السائح لتعلِمه بأمورٍ متعلقة بالسفر إن أراد زيارة المنطقة ذاتها، كيف يصل إلى المكان وأين يسكن.
هل يجب أن تتخصص في التدوين؟
لنتخيّل هذا السيناريو معاً؛ تفكر جدياً في إنشاء مدونة لكنك لست متأكداً مما ستكتب عنه. أو ربما لديك فكرة ، لكنك لست متأكدًا ما إذا كانت ستنجح. هل يبدو لك هذا السيناريو مألوفاً؟ أعلم ما تفكّر به الآن، دعني أطمئِنك بأنك لست وحدك. يعتبر اختيار تخصص للمدوّنة أحد أصعب أجزاء بدء التدوين، فهو يجعل كل الأشياء التقنية الغامضة -أحياناً- أمراً سهلاً للغاية. قد تكون لديك الكثير من الأفكار في رأسك، أو أنك تعمل جدياً للوصول إلى واحدة على الأقل!. سأسهّل لك الأمر ولو بشيء بسيط:
ما الذي نعنيه بتخصص المدونة؟
هو الموضوع الرئيسي الذي ستكتب أو تنشئ محتوىً عنه في مدونتك، وقد يختلف الأمر هنا لدى الكثيرين عند التطبيق.
مدونتي متخصصة في السفر، جيد. ولكن السفر وحده أمر متشعب جداً، كيف؟ هناك السفر من أجل السياحة، ويندرج تحته أنواع متعددة للسياحة كالعلاجية، والعائلية، والبحرية، وحتى السياحة الرومانسية. وإن نظرت إلى موضوع السفر والترحال فهو أيضاً متشعب بشكل كبير، هناك السفر الاقتصادي، والسفر فيما تسكن في بيت متنقل، أو السفر المرفّه، أو الإبحار… الخ.
نعم، يمكنك الحديث عن السفر بشكل عام، لكنه -مرة أخرى- قد يشتت قرّاء مدونتك. كما أن مواقع السفر العامة منتشرة إلى حدٍ كبير، والتميّز فيها يحتاج إلى فريق متكامل. ولا أعتقد أن هذا ما تفكر فيه. سيكون من الخطأ أيضاً أن تروّج لنفسك بأنك خبير بكل أنواع السفر، لأنه لا وجود حقيقي لهذا الشخص.
ما أهمية اختيار تخصص للمدونة؟
الغرض من المدونة هو مشاركة أفكارك وتجاربك مع العالم، أليس كذلك؟ فلمَ لا يمكنك ببساطة مشاركة هذه الأفكار حينما تدور في ذهنك؟ لماذا يجب عليك اختيار تخصص للمدونة؟ حسنًا، ليس هناك قانون على الإنترنت يفرض هذا الأمر على أي مدوّن، وهناك مدونين كثيرون عرفتهم حققت مدوناتهم نجاحاً معقولاً دون أن تتخصص في أي أمر.
ولكن؛ ينحصر الأمر في أنه لا يمكنك أن تضمن اهتمام القراء بجميع الموضوعات التي تحبها شخصيًا. لذلك ما لم تتمكن من جعل حياتك بكل تفاصيلها تخصصاً للمدونة -وكأنك في أحد برامج التلفزيون الواقعية- فمن الصعب بناء جمهور بهذه الطريقة. وفي المقابل، سيضمن تخصيص مدونتك في موضوع ما إلى اهتمام قراء المدونة بمنشوراتك أكثر، وقد يهتمّون بالموضوعات الأخرى المفضلة لديك أيضاً.
من أين يأتي تخصص المدونة؟
قائمة بالموضوعات التي تعتقد أن تريد التدوين عنها. فكّر في اهتماماتك وأسلوب حياتك، دوّن أفكارك المتعلقة بهذا الأمر، ولا تقلق في هذه الخطوة بشأن الجدوى التخصص الذي ستختاره لمدونتك. بعد تشكيل التصور الأولي، للموضوع أو التخصص الذي تريده، تأكد من قدرتك على إيصال أفكارك وتجاربك في هذا الأمر:
- ما مدى أهمية هذا الموضوع بالنسبة لك؟
- ما مدى أهميته لدى القرّاء؟
- هل يمكنك كسب نقود من التدوين عنه؟
اختر موضوعاً يثير اهتمامك بالدرجة الأولى، ويشكّل أهمية لدى الآخرين. وربما يساعدك مستقبلاً لتكوّن منه دخلاً. فإن لم تكن تهتم بالموضوع الذي ستكتب عنه ستتكاسل وسيصبح التدوين عبئاً ثقيلاً مستقبلاً. وإن لم يكن الموضوع ذو أهمية للآخرين فلن يكون هنلك قرّاء، ومن البديهي أنك لن تكوّن جمهوراً ولن تكسب دخلاً.
مدوّنة الفهرست هي جهد مجتمعي تطوعي نسعى من خلاله إلى تعزيز ثقافة التدوين في العالم العربي. اكتب معنا